تحقيق الامن الغذائي والصحي في العراق الدكتور غالب الانصاري

تحقيق الأمن الغذائي والصحي في العراق

الجمعية العراقية للإمراض المشتركة الدكتور غالب الأنصاري

عندما نستعرض في هذا البحث الموجز،العوامل والدوافع والقدرات المتميزة للطب البيطري، من اجل التنمية بكل أشكالها،التي تصب في مصلحة الإنسان والرقي الاقتصادي والحضاري،الذي هومن الاستحقاقات والمسلمات الأولية للمواطن، فسوف نراه مشروعا نهضويا رائدا، يساهم مساهمة فعالة في تحقيق الأمن الغذائي والصحي للمواطن العراقي،كما يساهم بريادة واقتدار في تأسيس وتكريس عملية التطورالصحي والاقتصادي والتجاري في المجتمع، ويوفراموالا طائلة للدخل الوطني..لاشك أن الأمن الغذائي يلعب الدورالرئيسي في حياة الشعوب ، ويمدها بطاقة العمل والإنتاج، ويبعد عنها الأمراض ويحسن وضعها الصحي، فيكون أكثر عطاءا وأوفر إنتاجا..والعلم يؤكد بأن الافتقارالى الغذاء وشحته، كان وما زال سببا في إرهاق المجتمعات وإعاقتها في النمو والارتقاء ، ما يجعلها بيئة عرضة للمعاناة والافتقار لمستلزمات الحياة، وانتشارالاوبئة والأمراض وتعطيل الحياة، ونحن نعيش عصرالعولمة والعصرنة والسرعة في البناء والعطاء!...ولعل أدنى المفارقات التي ليست بعيدة عنا،ما حصل من تداعيات اقتصادية ومالية وصراعات تجارية، دفعت إلى أزمات سياسية بين أوربا وأمريكا،حين انتشرمرض(جنون البقر)و(انفلونزاالطيور)و(انفلونزاالخنازير)وأُحرقت حيوانات وطيور لاحصرلها، مما أدى إلى تداعيات وأزمات اقتصادية ومالية عالمية،وهنا يتجسد دورالطب البيطري والاطباء البيطريين لوقف ومنع تلك التداعيات والازمات والقضاء عليها، وهذا جليُ للعيان!
واستنادا إلى ما تقدم ترى مهنة الطب البيطري،أن العراق يمتلك جميع مستلزمات النهوض والرقي، القادرة على تحقيق وضع غذائي وصحي بالمستوى المطلوب للمواطن العراقي،إذا تمكن من تحريرهذة الطاقات من هيمنة المحاصصة، وفرض الوصاية والولاية عليها من غيرابناءها الذين خُلقوا علميا ومهنيا من اجلها، وتركها مهمّشة ومشلولة ومغلولة على أمرها، بلا قرار وإرادة واقتدار،غالبا ما تتحكم فيها الأهواء والمقاصد والأداء الضار، بعيداعن الصالح العام والمناهج العلمية والمهنية ، وتبقى هي والوطن الضحية!
العلم يؤكد على وجوب تطويرمهنةالطب البيطري، وأخذها على محمل الجد والجدارة،والعمل على وضع إجراءات جديدة وحديثة، للوصول إلى أهداف سديدة، أي أن تمارس دورها في المعرفة والقرار والأداء، دون قيود وإعاقة اوتدخل في شؤونها العلمية والمهنية ، لان الحيوان هوالركيزة الأولى والأساسية لمصدرغذاء الإنسان من ألبان وبروتينات ولحوم ومشتقاتها،وكذلك يشكل مصدرا من اخطرالمصادرالوبائية عليه..وتجاريا يَدرُ أموالا طائلة للدخل القومي العراقي في تصدير مشتقاته، من جلود وصوف وأمعاء وغيرها،علما أن هذه المشتقات هي أساسية للصناعات الوطنية،وكذلك إنتاج اللقاحات والمصول المطلوبة لوقاية الحيوان وتحصينه من الأوبئة والأمراض.
وبالنسبة للأوبئة والإمراض، فالعلم يؤكد أن حماية الحيوان من الإمراض هي حماية للإنسان،فهناك كثير من الأمراض المشتركة تنتقل من الحيوان إلى الإنسان وبالعكس، مثل داء الكلب والأكياس المائية وداء القط وحمى مالطا وأنفلونزا الطيور والتدرن الرئوي والزحارالاميبي وجنون البقر وكثيرغيرها..وهناك الكثير من مستحضرات وتجارب وبحوث حيوانية لحماية الإنسان من الأمراض ووقايته منها..ولهذا نرى أن(مهنة الطب البيطري)في العراق لاترقى اليوم إلى المستوى المطلوب،ولاتتماشى مع متطلبات الوضع الصحي والاقتصادي لمجتمعي الذي يصبواليه الكادر المهني لهذه المهنة، بسبب التَسلّط والتهميش والإهمال والكيد عن قصد في اغلب الأحوال، الذي تعاني منه المهنة، خلافا لدورها الريادي في الدول المتقدمة،وهذا ما دفعنا أن نضع هذه الدراسة العلمية وغيرها أمام من يهمهم الأمر من أصحاب القرار في هذا الوطن قبل فَوآت الاوآن،ما دمنا عازمين على بناء عراقنا الجديد،واضعين لذلك خططا وبرامج قادرة على النهوض بهذه المهنة والثروة الحيوانية..ولأهمية الطب البيطري، فقد شرعت الدولة بإيفاد الأطباء البيطريين إلى دول العالم المتقدمة، للتخصص والحصول على الشهادات العليا من دكتوراه وماجستير ودبلوم عالي وغيرها،بغية تكريس الأسس العلمية اللازمة لبناء الثروة الحيوانية وحمايتها والمجتمع من الآفات المرضية والأوبئة الفتاكة،فتمكنت هذه المهنة من تأسيس(معهدابحاث الأجنة وعلاج العقم)الذي يقوم حاليا بحل مشاكل العقم التي يعاني منها المجتمع، ويُخرّج الأطباء والطبيبات المتخصصين بالإنجاب والرعاية التناسلية بدرجة الدبلوم العالي والماجستير في هذا الصدد،وكذلك تَبوّءَ أبناءُها التدريس في كليات الطب والصيدلة والعلوم، وأصبحوا رؤساء جامعات وعمداء كليات طب ضمن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي .. لكن ديوان وزارة الزراعة لا نجد فيه من الأطباء البيطريين مَنْ يحمل شهادة اختصاص عليا، بالرغم من كثرتهم وانتشارهم في المؤسسات العلمية،وهم المعنيّون في التخصص برعاية الثروة الحيوانية وحمايتها والمجتمع من الآفات المرضية، وهذا ما جعل الطب البيطري عاجزا عن أداء واجباته المهنية والعلمية استنادا إلى اختصاصه ومعرفته العلمية،فكيف بنا بالنسبة لإجراء البحوث والتجارب والدراسات العلمية،ومتابعة المعلومة والتقنيات الحديثة في بناء وتطويرالثروة الحيوانية،وحمايتها والمجتمع من المخاطر المرضية؟! وهذا ما أدى إلى هجرة ذوي الكفاءات المهنية والعلمية إلى دول العالم،وخاصة الدول التي تخرجوا منها!..ويبدو أن سبب إخلاء ديوان الوزارة من الشهادات العليا للطب البيطري،هو نزعة الانفراد (بلا جدوى!) بشؤون الثروة الحيوانية،وبمصيرها الاقتصادي والصحي، وبالقرارات والمناهج والبرامج والاجراءآت التي تُعنى بالثروة الحيوانية، وحرمانها من ذوي الاختصاص في علومها المتميزة ..وهذه العقبات والترهل في الأداء،تحتاج إلى وقفة تأمّل وإمعان حازمين في صلب هذه الظاهرة المتردية، وإيجاد الحلول المجدية والسديدة لهذه المهنة المظلومة، لكي تقوم بدورها المنشود في خدمة الوطن وبناءه الجديد، دون قيود وعقبات ووصاية وولاية،أسوة ببقية مؤسسات الدولة الأخرى..!..أفلا يحق لمهنة الطب البيطري،التي تبني الوطن، أن يكون لها كيان و وجود خاص بها؟!..لكي تحقق(اهافها!)المهنية والعلمية بإرادتها الحرة،ما دامت تبني الوطن؟!
وهنا تتوجه هذه المهنة إلى الرئاسات الثلاث، وبقية ذوي القرارمن مسؤولين ونواب، وتُذكّرالجميع أن يلتفتوا إلى هذه المهنة المغلوبة على أمرها، ويُمهّدوا لها الطريق في الأداء والعطاء،ويحققوا أردتها الحرة، وينصفوا إرادة أبناءها في أن يكون لهم وجود وكيان خاص بهم، دون وصاية أو ولاية، فالإرادة يجب أن تكون حرّة !.. وعليه،ما دام الوطن في مرحلة البناء،فالضرورة ومصلحة الوطن تقتضي أن يكون لهذه المهنة كيان خاص بها باسم(وزارة الصحة الحيوانية)،وهذا ما يقتضيه بناء العراق الجديد،ويفرضه الصالح العام،ويبتغيه أبناء هذه المهنة من علماء واختصاصيين وخبراء وممارسين وعاملين، وإلاّ ستبقى هذه المهنة مكبلة ومغلولة على أمرها، وعاجزة عن البناء والعطاء!

ا نتهـــــــــى
ا الدكتور غالب الأنصاري
أ اكاديمي متقاعد
ملاحظة: نشر في جريدة الصباح/الاثنين/20كانون أول/2010

اشكرك عزيزي دكتور حسين هادي على كلماتك الحلوة حول موضوع(تحقيق الامن الغذائي والصحي في العراق)،والحقيقة هذا قيض من فيض،وسوف يتتابع نشر هذه الدراسات والبحوث في المنتدى خدمة لمهنتنا العتيدة،وشكرا جزيلا...د.غالب الانصاري

شكرا جزيلا دكتور حسين هادي مع اجمل التحيات....د.غالب الانصاري