المرتكز العام لعمل الطب البيطري والصحة العامة
& The Common Basis for Veterinary Medicine
Public Health Practice
الجمعية العراقية للأمراض المشتركة الدكتــور غـالــب الأنصاري
من المبادئ العلمية الأساسية لدور عام وشامل لمهنة الطب البيطري في مجال الصحة العامة،هو حقيقة أن الطب البيطري يشترك في موسوعة الصحة العامة عبرالعلوم الطبية ألأساسية(basic medical science )،ومنها بشكل عام علوم فسيولوجية راسخة (unique physiology)،أي العلوم المتعلقة بوظائف الجسم وأعضاءه المختلفة .أن مهنتي الطب البيطري والصحة العامة مبنية على معاييراجتماعية متطابقة (identical population concepts)،فالتجمعات الحيوانية تحضي دائما وأبدا بحالة من الاهتمام المتمييز في تفكير الطبيب البيطري بدلامن الحالات الفردية. ونفس الشيء بالنسبة للصحة العامة،فأن الفرد ليس هوالمريض بل المجتمع،عندما تهدده الأمراض الوبائية اويخضع لإجراءات الوقاية منها.ان تعامل الإنسان وتفاعله مع محيطه،يعكس أنماط الإمراض (pattern of diseases) التي قد تظهرفي المجتمعات البشرية(human population). وإن تشخيص أسباب هذه العلل الاجتماعية (community ills) يعتمد على الحالة الوبائية للمرض (epidemiology)التي هي عبارة عن معرفة بيئيّة(ecological discipline) واسعة الأبعاد لطبيعة المرض،كونها تختلف اختلافا واسعا وتتباين مع وسائل التشخيص الفسيولوجية الاعتيادية،التي هي أكثر تجانسا وتماثلا مع منظور الطب عندما تُطبّق على الفرد دون الجماعة. الصحة العامة من ناحية الجوهر،هي مهنة طب التجمع البشري(human herd medicine).
من الامورالاساسية المطلوب تجاوزها من قبل الطبيب المنخرط في أعمال الصحة العامة،هي اعادة النظر في التعامل مع الطب على أساس فردي (individual basis)بدلا من التعامل معه على أساس مجتمعي(population basis).وهذا التعامل المقتصر بالدرجة الأولى على الحالات الفردية هوليس كذلك بالنسبة للطبيب البيطري، وقد يقتصرذلك على الحيوانات التي تمتاز بمزايا جوهرية ووجدانية عالية، ففي هذه الحالات نرى ممارسة الطبيب البيطري تتوجّه نحو مرض الحيوان وصحته في المقام الأول، وفي هذا المجال نرى هناك تماثل وتشابه في التطبيق مع الطبيب الممارس(practicing physician) في عمل الصحة العامة.أكثر مدارس الطب التي تركز على تهيئة الممارسين في مختلف التخصصات السريرية(clinical specialties)المتعلقة بالصحة العامة،عليها الآن مواجه هذه المهمة بإرادة واضحة.أن ملائمة الطبيب البيطري المتعلقة بمهام الصحة العامة،هي الآن موضع إطراء وتثمين بشكل عام،وبهذا الصدد قامت لجنة الخبراء(experts committee)التابعة لمنظمة الصحة الدولية(WHO) سنة 1961والمشرفة على برامج توفيرمدارس الصحة العامة (public health schools)، قامت بوضع معلومة بخصوص هذه الحقيقة تنص على
ان البناء العلمي للطبيب البيطري متميز ومجدٍ بشكل خاص، وبإمكانه الإمساك بمبادئ الصحة العامة-principles of public health- والعمل بموجبها).
وبسبب طبيعته الوبائية الاجتماعية،فان التعامل الوبائي مع المرض بشكل واضح ليس غريبا على مهنة الطب البيطري (veterinary medicine practice) كذلك.وبسبب اهتمام الطبيب البيطري بنفس المرض في العديد من أصناف الحيوانات،فان تفكيره أكثر تمركزا على المرض(disease centered) منه على المضيف(host centered)،وبذلك يكون تقليديا قد تعامل مع مهنة الطب بمنظور مقارن (comparative approach)بين خطورة المرض وسعة تعرّض المضيف لهذا المرض.الطبيب البيطري يواجه صعوبة اقل عندما ينظر إلى الإنسان بشيء من الموضوعية، كونه مضيفا(host) ليس الآّ، من صنف للأنماط الوبائية لأي مرض معيّن. والحقيقة ان علم الأوبئة (epidemiology) لسعة توارثه المتجذّرة في مهنة الطب البيطري،جعلت من الطبيب البيطري الخبير والمتمرس في علم الأوبئة، سواء أكان مندمجا أو لاهيا(confused or amused)في عمله هذا، فان ذلك ينصهر في جهود تجعل من هذا الأداء معرفة متميّزة(distinct discipline) .
ليس فقط الصحة العامة والطب البيطري يشتركان في هذه الجذورالعامة من الممارسة الجماعية(herd practice),ولكن الطرفين محكومان بمعايير اقتصادية متماثلة،لان إجراءات الصحة العامة يجب ان تكون واضحة المعالم اقتصاديا من قبل المجتمع، على الأكثر بنفس الطريقة التي تكون فيها إجراءات الطبيب البيطري الممارس، كأنها أملاءات للمعايير الاقتصادية التي يأخذ بها مالك القطيع بالنسبة لحيواناته. ان الطبيب البيطري يجب ان يكون ملما ليس فقط بالإجراءات الحديثة لمتابعة أية حالة خاصة،لأكن عليه أيضا معرفة الإجراءات الأقل كلفة كونها منطقية ومقنعة لمربي الحيوانات. ونفس الشيء بالنسبة للصحة العامة،فان الظروف ربما قد تقضي بخيار اقل كفاءة وأداء،لكنه ليس مستساغا ان يكون بالغ الكلفة!..قد يبدو للوهلة الأولى شيئا غريبا بان الطبيب البيطري كان أول أستاذ (first professor) في الرقابة الطبية الاقتصادية (medical care economics) في معهد أمريكي للصحة العامة،والمرجعية المعتمدة في هذا الشأن.لان الفرد الممارس في مهنة الطب البيطري،هوالبيئة الاكثرملائمةً(suitable niche)في الجوانب المتعلقة بالاقتصاد الصحي، الذي قد يكون بالغ الصعوبة و نادر الوجود!
. هناك ترابط وثيق الصلة وابعد غورا بين مهنتي الطب البيطري والصحة العامة،وهو الاهتمام المشترك في الطب الوقائي(preventive medicine)، والسيطرة على المرض(disease control)، والقضاء عليه(disease eradication).وقد انصب في الماضي اهتمام كبير ومتعاظم بشكل خاص،على الإجراءات الوقائية وبرامج السيطرة والقضاء على الأمراض في مهنة الطب البيطري أكثر منه في مهنة الطب البشري،حيث لاحظ (PUGH)سنة1955(أن التركيز في الطب البيطري يتمحور على الصيانة(maintenance) اكثر منه على استعادة الصحة-restoration of health- بعد الإصابة بالمرض ، وسيكون اكثر من ذلك مستقبلا).هذه الجهود للسيطرة على إمراض الحيوان قد حققت تعاونا رصينا و ملتزما ضمن مهنة الطب البيطري، لكن هذا التعاون بكامله فد حضي بشيء زهيد جدامن التقييم من قبل اولاءك المعنيين بمشكلة مشاركة الأطباء الممارسين في الصحة العامة.
ان مآثر الطب البيطري الماضية في مجال الصحة العامة،تقع بشكل رئيسي في سياقات الطب الوقائي(preventive medicine) والعلاج الجماعي(herd medicine)كما أشار(FEY-1935), كما ان عطاء الطب البيطري كان ولا يزال يتركز بالدرجة الأولى في مجال الرعاية المركزة الشاملة ، والحالات الفردية من الأمراض المختلفة. نتــــــهـــى
ا الدكتور غالب الأنصاري
أ كاديمي متقاعد
ملاحظة: نشر في جريدة المدى/الاثنين/7حزيران/2010
في جريدة الصباح//الاثنين/20ايلول/2010