شتان ما بين موقفين

في صيف العام الماضي طلب مني احد الاصدقاء ان ارافقه في مهمة تخصه تتطلب مقابلة مديرعام احدى الدوائر , وقد كان صاحبي حريصا حينها على الحضور قبل الموعد باكثر من ساعة وكذلك فقد ادهشتني اناقته التي بدت مكلفة كثيراولاسيما عطره الذي سرح بي بعيدا حتى كدت انسى ماجئنا لاجله..اصابعه تلتف على سيكارا لشدما عشقها وعندما حانت اشارة من السكرتير للاذن بالدخول على المسؤول تعمد صاحبي النظر الى مراة مثبته على الجدار للاطمئنان على تسريحة شعره الاشيب..ثم اضطر ولاول مرة التخلي عن سيكاره قبل ان يحترق نصفها...وعند اللحظة الاولى للقاء المدير ابهرني صديقي اختياره لاروع كلمات التحية وسلوكه لاجمل معايير الادب فلسانه لم ينفك ابدا من ترديد العبارات التاليه ( عفوا استاد...الله يحفظك استاد..يطول عمرك استاد ..كل ليله ندعيلك استاد....استاد.. استاد..) حتى انني احصيت اكثر من 40 كلمة استاد قد اطلقها في حضرة الاستاد..
انتهى اللقاء بعد ان حصل على بصيص امل لتحقيق ما يصبو اليه..مودعا الاستاد برشاش اخر من كلمة ...
رايت اساريره مبتهجه وقال لي انت اليوم مدعو الى وليمة في داري بهذه المناسبة السعيده ..واتصل باسرته لغرض تهيئة الامر...
وبعد الوصول والترحيب سمعت صوت المؤذن يدعو الى الصلاة فطلبت منه السماح لي بالوضوء لاجل اقامتها فرد علي ( عمي شبيك مستعجل هسه هي الصلاة طايره مو الغدا حاضر وحار) اكملت الفريضه بينما ظل صديقي منشغلا مع عائلته...وبعد ان انهينا وجبة الغذاء شرع بالتدخين وارتشاف الشاي والحديث عن تفاصيل اللقاء الذي اعرف كل دقائقه..فذكرته بالصلاة فقال ( اني ما شايف واحد مثلك يلح ) المهم انه بدأ باقامتها وهو يرتدي البيجامه دون قميصها ثم نشات علاقه حميمه بين يده وانفه ثم يده واذنه ثم يده وبطنه ثم شعر راسه ثم انشغل بأيماءات موجهه لابنه الصغير لم افهمها ابدا..وبعد ان انهى الفريضة مباشرة قال لي تذكرت موضوعا مهما اثناء الصلاة ولابد ان ارويه لك...!!!
فقلت له شتان ما بين اللقائين بين الذلة والخضوع والتملق امام العبد وبين اللامبالاة عند وقوفك في حضرة الخالق...

كل الشكر والمحبة لكم ايها الاخ الرائع والمثابر الدكتور حسين المحترم لحسن اهتمامكم وتفاعلكم...
كلنا خطاؤن ولكن افضلنا من يبذل كل ما في وسعه لتجنب الخطأ وان ينتبه بسرعه لتصحيحه قبل فوات الاوان فقد تمادينا كثيرا جدا يالجحود والعصيان ورغم كل ذلك فانه سبحانه ارحم بنا واكثر عطفا ورحمة من امهاتنا علينا..