بين الامس واليوم......نظرة متواضعه

لا يخفى على احد ان ديناميكية الحياة في عراق اليوم تختلف كثيرا عن مجرياتها خلال الفترة الماضيه فنلاحظ حراكا ونشاطا مجتمعيا مختلفا في بواعثه واتجاهات تاثيره وحتى في نتائجه اذ بحكم الطبيعة البشريه فان كل فعل صادر عن الانسان يبقى خاضعا للخطا والصواب وبالتالي يكون عرضة للنجاح والفشل لا سيما اذا كان في تجربته الاولى وما نريد قوله ان الفعل في اساساياته يمثل حالة الانتاج وعدم الفعل بطبيعة الحال يعبر عن الخمول والكسل بغض النظر عن الاستثناءات.
ما يمر به المجتمع العراقي اليوم هو حالة من النشاط والفعل المحمود في اكثر اجزاءه وان اختلفت مستوياته (ولسنا بصدد التعرض للمذموم من الافعال او ما يطلق عليه بالارهاب لانه لم يمثل يوما جزءا من ثقافة شعبنا ومجتمعنا لذا لا مكان له اليوم في حديثنا..) ...
فلو قارنا بين ما نعيشه الزمن وما عانيناه في الازمان السابقه لوجدنا خطوطا بيانية ايجابية اخذة في الصعود رغم بطئها الى مستويات مطمئنه ومشجعه على ان المستقبل العراقي سيكون افضل بسبب طبيعة الاعراف الاجتماعيه السائدة وكذلك التهذيب الديني الغالب على سلوكيات الافراد مما جعله مؤهلا للارتقاء باتجاه النهوض والتطور بشكل اكثر سرعة قياسا بمجتمعات ودول عاشت نفس حالة التحول...فمثلا ضمن الاسره الواحدة حين كان احد افرادها يحاول الشروع بطرح موضوع للنقاش يراد له ان يكون سلميا هادئا فان دقائق قليله لا تمضي عليه حتى يتحول الى توتر وصراع غالبا ما ينتهي بخصام شديد وزعل قد يدوم اياما اذا لم يكن قطيعة ابديه.. وينسحب هذا الحال على المجتمع في الشارع و الدائره وفي الاماكن الاخرى... لان الجميع لم تكن امامهم اي فسحه من الحريه للتعبير عن الراي فقد كان ذلك من المحرمات حتى بات الكل اسرى الاستبداد والتربيه القسريه للقبول بقرار واحد وراي واحد وكانه منزل من السماء وهذا ما كان ينتهجه النظام السابق.. وصرنا باللاوعي في جميع احاديثنا وسلوكياتنا نحاول ان نفرض الاراء قسرا على الاخرين مهما كلف الامر طبقا لنظرية( اذا لم تكن معي تماما فانت ضدي ) وبلغة اكثر وضوحا اذا لم تكن صديقي فانت عدوي فلم يكن لللون الرمادي اية وجود بين الاسود والابيض مما خلق اجواءا نفسيه مشحونة بالتوتر والغضب الكامن والمستعد للانفجار في اي لحظه مع الاقران بالمستوى او ما دونهم ..
اما اليوم وبعد التحول الذي جرى وبعيدا عن الياته فان المجتمع وعلى الرغم من رواسب الخوف وعدم الاطمئنان التى لازالت تسكن نفوس البعض بفعل الاضطهاد السالف فان التدرج في عملية التعبير عن الراي والتي ابتدات بفوضويه تمثلت بتظاهرات المطالبه بالحقوق حيث رافق اغلبها استخدام العنف والاعتداء على المال العام ومحاولة الانتقام من كل شيء الا انه يعتبر طبيعيا ويصنف ضمن مخاضات التحولات باتجاه الديمقراطيه ...حتى ان المتحاورين من السياسيين وغيرهم الذين يظهرون في وسائل الاعلام فان لغة الحوار السلمي اكان يميز الربع الاول فقط من وقت البرنامج التلفازي وما تبقى فان معد ومقدم البرنامج يضطر للتدخل من اجل فض الاشتباك الذي يصل احيانا الى السب والشتم واستخدام الايدي..
اليوم صارت فسحة الحريه اكبر ونسبة الاطمئنان اعلى وصار المتظاهرون اكثر تحضرا وحرصا في المحافظه على ممتلكات الوطن والمتحاورون اكثر هدوءا واتزانا وموضوعية في الطرح ومستويات التوتر بدات بالانخفاض وصار المجتمع اكثر وعيا والرقي والتطور اقرب الى متناول يديه..
وما منتدى المعرفه البيطري الموقر الا ساحة واسعه من ساحات الحريه للتعبير عن الراي وما تقبل الزملاء للانتقادات والاراء المختلفه الا تعبيرا عن مستوى محترم من الوعي والتحضر...بوركتم جميعا على ما وصلنا اليه لانكم تعملون بجد على ترميمم الجسوربين تاريخنا الحافل بالحضارات وبين الحاضر والمستقبل المشرق الذي ينتظر العراق لانه فعلا بلد الحضارات .. ووفقكم الله لكل خير

الله كريم نتمنى ذلك باسرع وقت