أ قصيدة دعبل الخزاعي في مقتل الحسين (ع)
فاطم لو خلت الحسين مجدلا* وقد مات عطشانا بشط فرات
إذا للطمت الخد فاطم عنده* وأجريت دمع العين في الوجنات
أفاطم قومي يا ابنة الخير واندبي* نجوم سماوات بأرض فلات
قبور بكوفان واخرى بطيبة* واخرى بفخ نالها صلواتي
واخرى بأرض الجوزجان محلها* وقبر ببا خمرى لدى الغربات
وقبر ببغداد لنفس زكية* تضمنها الرحمن في الغرفات
وقبر بطوس يا لها من مصيبة* ألحت على الاحشاء بالزفرات
إلى الحشر حتى يبعث الله قائما* يفرج عنا الغم والكربات
علي بن موسى أرشد الله أمره* وصلى عليه أفضل الصلوات
فأما الممضات التي لست بالغا* مبالغها منى بكنه صفات
قبور ببطن النهر من جنب كربلا* معرسهم منها بشط فرات
توفوا عطاشا بالفرات فليتني* توفيت فيهم قبل حين وفاتي
إلى الله أشكو لوعة عند ذكرهم* سقتني بكأس الثكل والفظعات
أخاف بأن ازدارهم فتشوقني* مصارعهم بالجزع فالنخلات
تغشاهم ريب المنون فما ترى* لهم عقرة مغشية الحجرات
خلا أن منهم بالمدينة عصبة* مدينين أنضاء من اللزبات
قليلة زوار سوى أن زورا* من الضبع والعقبان والرخمات
لهم كل يوم تربة بمضاجع* ثوت في نواحي الارض مفترقات
تنكبت لاواء السنين جوارهم* ولا تصطليهم جمرة الجمرات
وقد كان منهم بالحجاز وأرضها* مغاوير نجارون في الازمات
حمى لم تزره المذنبات وأوجه* تضئ لدى الاستار والظلمات
إذا وردوا خيلا بسمر من القنا* مسا*** حرب أقحموا الغمرات
فان فخروا يوما أتوا بمحمد* وجبريل والفرقان والسورات
وعدوا عليا ذا المناقب والعلى* وفاطمة الزهراء خير بنات
وحمزة والعباس ذا الهدي والتقى* وجعفرا الطيار في الحجبات
اولئك لا ملقوح هند وحزبها* سمية من نوكى ومن قذرات
ستسأل تيم عنهم وعديها* وبيعتهم من أفجر الفجرات
هم منعوا الآباء عن أخذ حقهم* وهم تركوا الابناء رهن شتات
وهم عدلوها عن وصي محمد* فبيعتهم جاءت عن الغدرات
وليهم صنو النبي محمد* أبوالحسن الفراج للغمرات
ملامك في آل النبي فانهم* أحباي ما داموا وأهل ثقاتي
تخيرتهم رشدا لنفسي إنهم* على كل حال خيرة الخيرات
نبذت إليهم بالمودة صادقا* وسلمت نفسي طائعا لولاتي
فيا رب زدني في هواي بصيرة* وزد حبهم يا رب في حسناتي
سأبكيهم ما حج لله راكب* وما ناح قمري على الشجرات
وإني لمولاهم وقال عدوهم* وإني لمحزون بطول حياتي
بنفسي أنتم من كهول وفتية* لفك عتاة أو لحمل ديات
وللخيل لما قيد الموت خطوها* فأطلقتم منهن بالذربات
احب قصي الرحم من أجل حبكم* وأهجر فيكم زوجتي وبناتي
وأكتم حبيكم مخافة كاشح* عنيد لاهل الحق غير موات
فيا عين بكيهم وجودي بعبرة* فقد آن للتسكاب والهملات
لقد خفت في الدنيا وأيام سعيها* وإني لارجو الامن بعد وفاتي
إلم تر أني مذ ثلاثون حجة* أروح وأغدو دائم الحسرات
أرى فيئهم في غيرهم متقسما* وأيديهم من فيئهم صفرات
وكيف اداوي من جوى بي والجوى* امية أهل الكفر واللعنات
وآل زياد في الحرير مصونة* وآل رسول الله منهتكات
سأبكيهم ما ذر في الافق شارق* ونادى مناد الخير بالصلوات
وما طلعت شمس وحان غروبها وبالليل أبكيهم وبالغدوات
ديار رسول الله أصبحن بلقعا* وآل زياد تسكن الحجرات
وآل رسول الله تدمى نحورهم* وآل زياد ربة الحجلات
وآل رسول الله يسبى حريمهم* وآل زياد آمنوا السربات
إذا وتروا مدوا إلى واتريهم* أكفا عن الاوتار منقبضات
فلو لا الذي أرجوه في اليوم أو غد* تقطع نفسي إثرهم حسرات
خروج إمام لا محالة خارج* يقوم على اسم الله والبركات
يميز فينا كل حق وباطل* ويجزي على النعماء والنقمات
فيا نفس طيبي ثم يا نفس فابشري* فغير بعيد كل ما هو آت
ولا تجزعي من مدة الجور إنني* أرى قوتي قد أذنت بثبات
فيا رب عجل ما اؤمل فيهم* لاشقي نفسي من أسى المحنات
فان قرب الرحمان من تلك مدتي* وأخر من عمري ووقت وفاتي
شفيت ولم أترك لنفسي غصة* ورويت منهم منصلي وقناتي
فاني من الرحمن أرجو بحبهم* حياة لدى الفردوس غير تباتي
عسى الله أن يرتاح للخلق إنه* إلى كل قوم دائم اللحظات
فان قلت عرفا أنكروه بمنكر* وغطوا على التحقيق بالشبهات
تقاصر نفسي دائما عن جدالهم* كفاني ما ألقى من العبرات
احاول نقل الصم عن مستقرها* وإسماع أحجار من الصلدات
فحسبي منهم أن أبوء بغصة* تردد في صدري وفي لهواتي
فمن عارف لم ينتفع ومعاند* تميل به الاهواء للشهوات
كأنك بالاضلاع قد ضاق ذرعها* لما حملت من شدة الزفرات