بكتيريا اي كولاي ومخاطرها!

بكتيريا إي كولاي ومخاطرها !

الدكتور غالب الأنصاري الجمعية العراقية للأمراض المشتركة

كثرت هذه الأيام المخاوف والهواجس والمعاناة من مرض(بكتيريا إي كولاي) والإصابة به المسمى بمرض التهاب الأمعاء (colienteritis) وخاصة في دول أوربا، وبالأخص في ألمانيا حيث بلغت الوفيات بهذاالمرض لحد ألان الخمس والعشرين وفاة دون حالات الإصابة به من المرضى وهي كثيرة تجاوزت الآلاف،بالرغم ما لدول الاتحاد الأوربي من تطورمتميزفي كل مناحي الحياة وتقدم متفوق في مجال الطب ومؤسساته الصحية اداءا وتقنيا!
أن بكتريا الاي كولاي(Escherichia Coli)واختصارها(E.Coli) عبارة عن كائن حي(organism)ومستوطن عام في الأمعاء الدقيقة والغليظة للإنسان والحيوان أي في الجهاز الهضمي،وكذلك موجود في أمعاء الطيوروالزواحف والبرمائيات والحشرات،وقد اكتشفها وعزلها من البراز العلامة( T.Escherich )سنة 1885. أن هذه الجرثومة تُطرح عادة مع البراز بأعداد كبيرة وهي حاضرة في الأجواء الخارجية كالماء والتراب والمواد الغذائية والأشياء الأخرى الموجودة في المجتمع،وهي تتميز بتعدد أشكالها ومنها المتحرك وغيرالمتحرك،وكذلك تعيش في الهواء الطلق ولها الخيارعندما لاتحتاج إلى الأوكسجين فتعيش في بيئة عديمة الأوكسجين.أما معدل الحرارة التي تنمو فيها فهي بين(30-37'C)وطبيعة البيئة التي تعيش فيها تتراوح بين(7.2-7.5) من ناحية ال( PH )أي تميل إلى القاعدية بعض الشيء..
هناك سلالات من الاي كولاي تكون أحيانا أمراضية،فتصبح لها القدرة على إحداث أمراض عديدة كالتهاب الأمعاء الدقيقة والغليظة والقولون والكبد والكلى والمرارة، وكذلك لها القدرة على تحلل الدم وإحداث التسمم والاسها ل الدموي الحاد وارتفاع درجة الحرارة، وهناك حوالي (25) نوع من هذه البكتريا تسبب أمراضا مختلفة في الإنسان. وهذه الجرثومة لها القدرة على مقاومة الظروف الخارجية لشهور عديدة،ولها القابلية على تجاوز المؤثرات الكيماوية والفيزياوية للمناخ الخارجي أكثر من بكتريا التايفوئيد والإسهال الدموي،وتقريبا تُقتل سريعا بواسطة جميع المعقمات المستعملة،وتهلك بدرجة حرارة(55'C)خلال ساعة وفي(60'C)خلال15دقيقة...أما الإصابة بالمرض فتتم عن طريق تناول اللحوم بدون طبخ كامل وماء الشرب الغير معقم والحليب الخام الغير مبستر وكذلك العمل في حقول تربية الحيوان من أبقار وأغنام وماعز ودواجن وغيرها..
هناك العديد من سلالات الاي كولاي التي تسبب الأمراض والالتهابات في الإنسان والحيوان،ومنها ماهو سؤول عن التهاب الأمعاء الشديد في الأطفال خلال السنة الأولى من عمره مصحوبا بحرارة عالية(38-39'C)وغالبا بحالات شديدة من المغص والتقيّوء والإسهال وتسمم عام، وعدوى الإصابة قد تحدث من أطفال وكبارمصابين اوحاملين لهذه الجراثيم، والمرض لايحدث فقط عن طريق الإصابات المعوية ولكن قد تتم الإصابة من خلال جهازالتنفس بواسطة الغبار وطرح السوائل الملوثة كاللعاب والبصاق..أن عملية حدوث المرض تتم على الأكثر في الأمعاء الدقيقة، والأغلب أن الغشاء المخاطي للأمعاء يكون عرضة إلى الإفرازات السمية الناتجة عن جراثيم "أي كولاي" وعن التغيُّر في حرارة الجسم..أما بالنسبة للبالغين فان الالتهاب المعوي لهذه البكتريا قد يسبب مشاكل صحية كثيرة منها التهاب البريتون والسحايا والأمعاء والكلى والأذن والزائدة الدودية وغيرها، إضافة إلى الإجهاد والمعاناة وحالات من التسمم العام والغذائي .أن المناعة المكتسبة التي يحصل عليها المصاب بالاي كولاي تكون متعلقة بالنوع الذي يسبب الإصابة،ولهذا ليس هناك مناعة مشتركة بين أنواع هذه الجرثومة ونتيجة لذلك فان تكرارالاصابة بهذه الانواع قد يحدث دون انقطاع.إضافة إلى ذلك،فان الاي كولاي والمكروبات العمومية الأخرى التي تعيش في الأمعاء كمستوطن طبيعي لهاالقدرة على تحضيرالعديد من الفيتامينات التي لايمكن الاستغناء عنها بالنسبة لجسم الإنسان مثل فيتامين K2,E&B))،وقد لوحظ أن بعض هذه الانواع من الاي كولاي تقوم بكبح نمو بكتيريا السل الرئوي فتوفرالحماية من الإصابة به.. ولتشخيص المرض يمكن اخذ عينات من المرضى كالبراز والبول وإفرازات الأنف والحنجرة وتلك التي يتم الحصول عليها من المتوفين كالدم والمرارة والكبد والطحال والرئة ومحتويات الأمعاء الدقيقة والغليظة والصديد.أن المواد الغذائية والأشياء المستعملة والمتداولة وأيادي العاملين في مستشفيات الولادة والمستشفيات الأخرى والمطابخ والمطاعم ومشتقات الألبان،فهذه كلها يجب أن تخضع للفحوصات المختبرية عند حصول المرض.
أما بالنسبة لعلاج المصابين بهذا المرض،فان الحالات المرضية عادة تتلاشى تلقائيا خلال (1-3)أيام وعندها لاحاجة للعلاج..والأدوية المزيلة للإسهال قد يُفضل عدم تناولها أحيانا لأنها قد تؤدي إلى أبطاء التخلص من الجرثومة التي يتم طرحها مع البراز عبر القناة الهضمية،ويحدث ذلك بسبب قلّة الإسهال أو زواله،وقد يحتاج المريض إلى تزويده بالمحاليل الفسيولوجية بحقنها في الوريد إذا كان يعاني من فقدان سوائل الجسم..أما إذا تقرر استعمال الأدوية المضادة لبكتريا الاي كولاي فهناك العديد من المضادات الحياتية(antibiotics)وخاصة الحديثة منها مع فيتامينات C,B1,B2 التي يحتاجها المريض، وكذلك مستحضرات عضوية مثل الكوليسين( colicin )التي تمتلك تأثيرات معيقة لنمو وتكاثر الاي كولاي وإبادتها،وأيضا تُعطى حقن من المحاليل الفسيولوجية مع الكلوكوز للسيطرة على التسمم وتعويض السوائل التي فقدها المريض..وبالنسبة للوقاية من المرض الذي تسببه الأنواع الامراضية لبكتيريا "أي كولاي"فالمفروض أن يُعطى اهتمام خاص إلى التشخيص المبكر لحالات الإصابة بهذا المرض،وكذلك إلحاق المصابين عاجلا بالمستشفيات وإجراء العلاج السريع والفعال لهم..وهناك ضرورة للفحوصات المنتظمة للعاملين في معاهد الأطفال وللأمهات اللواتي يعاني أطفالهن من فقدان الشهية وعدم تناول الطعام، وضرورة تكريس أهمية مجدية لملاحظة الأنظمة الصحية المتبعة في رياض ومدارس الأطفال وأساليب ووسائل تغذية الرضع ومستشفيات الولادة ورعاية الأطفال.. وأيضا ضرورة الحفاظ على الماء والمواد الغذائية من التلوث بالبراز والسيطرة على الذباب، إضافة إلى التحسن المتواصل لمستويات المعيشة والسكن الصحي لها أهمية استثنائية في حماية المجتمع من هذه الآفات المرضية وخاصة في فصل الصيف.
هناك ضرورة اتخاذ الإجراءات الصحية بشأن بكتيريا" أي كولاي " لأنها تستوجب اهتماما خاصا كون هذه البكتيريا واسعة الانتشار في الطبيعة وفي كل مرافق الحياة، ولهذا السبب تعتبر جرثومة"أي كولاي"مؤشرا بالغ الخطورة بسبب تلوث البيئة بالبراز التي تعيش فيه هذه الجرثومة، ولذلك أن تشخيص"بكتيريا أي كولاي"يكتسب أهمية كبيرة في تقديرالمؤشرالصحي بالنسبة للمجتمع ومدى تلوث الماء والغذاء وغيرها من مستلزمات الحياة.

ا انتهـــــــــــى

ا الدكتور غالب الأنصاري
2 / تموز / 2011
ملاحظة: تم نشره في جريدة الصباح.

كري واعتزازي بالزملاء الاعزاء دكتورة تحفة ودكتور حسين هادي،اتمنى لكما وافر النجاح والتقدم المستمر والسعادة التامة،وشكرا جزيلا على ما تفضلتم به من رؤى طيبة....د.غالب الانصاري

الدكتور الانصاري المحترم
شكرا لك لجهودك و لاهتمامك البالغ بالطب البيطري و بالمواضيع العلمية التي تخص المهنة و كذلك صحة المجتمع بصورة عامة .. نصائحك ممتازة للحد من خطورة الاصابة بالايكولاي حيث تفضلتم بما يلي (( ضرورة الحفاظ على الماء والمواد الغذائية من التلوث بالبراز والسيطرة على الذباب، إضافة إلى التحسن المتواصل لمستويات المعيشة والسكن الصحي لها أهمية استثنائية في حماية المجتمع من هذه الآفات المرضية وخاصة في فصل الصيف.)) ....واتمنى من الله ان نصل الى مرحلة ما لكي يستطيع المواطن البسيط ان يشرب ماءا صالحا
وان يصل البا عة المتجوليين و القصابين و البقالين الى قناعة بان للذباب دورا مهما في نقل الامراض وكذلك اتمنى بان يحصل كل مواطن عراقي على قطعة ارض سكنية لبنائها وتتوفر فيها الشروط الصحية اللازمة ...
تحياتي لك ...