8 / 6/2004 أرادة نريد أن تتحقق!
ا الدكتور غالب الأنصاري
في البداية لابد لنا من التوجه إلى حكومتنا الجديدة،بما فيها رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء،ونهنئهم وشعبنا الكريم،ونهنأ أنفسنا نحن أبناء مهنة الطب البيطري،بالمناسبة السعيدة التي تم فيها انتقال السلطة والسيادة من قوات الاحتلال إلى حكومتنا الوطنية،المتمثلة برئاسة الجمهورية وأعضاءها ورئيس الوزراء والوزراء جميعا،وهذا ماكنا ننتظره ونصبو إليه!..وما يؤكد السيادة التي عادت ألينا ويوطد كيانها،ويضفي عليها طابع التفاؤل والاطمئنان أن هذا جاء تعبيرا صادقا عن إرادة الشعب،التي تمثلت بثبات مجلس الحكم وتمسكه بما يراه ويريده في اختيار الحكومة،فتحققت الإرادة!..فهنيئا لعراقنا الحبيب بكل شرائحه وأطيافه! (ملاحظة: تَرَ هذاالحَجي مال أيام زمان،عندما بِدينه نلعب طوبة مع بريمر!).. وبالمناسبة،نزف التهاني والبشرى الغامرة بالبهجة والفرحة لشعبنا من جديد،ونحن نهيأ هذا المقال،بمناسبة صدورقرارمجلس الأمن بإضفاء الشرعية على انتقال السلطة إلينا واتخاذ هذاالقراربالاجماع!..فهنيئا لنا جميعا! ( أضرب أيدك بالدهن!) .
بعد هذه المقدمة المتواضعة،نعود إلى ما نحن يصدده ونقول:اثر تنفس عراقنا العزيز وشعبنا المحروم الصعداء بزوال الطغاة،انطلقت مهنة الطب البيطري،كما هوشأنها في الماضي،مع غيرها من شرائح المجتمع وأطيافه بإرادة متفائلة،تطالب بلسان أبناءها البررة بإزالة الغبن والإجحاف عنها،الذي ابتلت به منذ ذلك العهد الغابر،وتؤكد على حقوقها المشروعة أن يكون لها وجود وقرار،وان تكون لها إرادة حرّة بشؤونها ومقدراتها ومنظورها ومهاراتها العلمية والمهنية في البناء والعطاء،خاصة ما تفرضه وتمليه مسيرة بناء عراقنا الجديد!..ان هذه الثواب الوطنية والمعاييرالمهنية وغيرها من مستحقات حياتنا الجديدة ومستلزماتها،فرضت علينا ولا تزال،نحن أبناء هذه المهنة،أن نعمل جاهدين دون كلل أو ملل من اجل الحفاظ على نقاوتها وسماتها،وحمايتها والذود عنها من كل ما يفرط بحقوقها ويعيق مسيرتها نحوالاداء والمعرفة والتقدم!
لقد طالبنا منذ البداية عند تشكيل الحكومة الأولى،وما زلنا،أن يكون لهذه المهنة المثابرة وزارة خاصة بها،أسوة بالوزارات الجديدة التي تشكلت لأول مرة،وهي كثيرة،دون أن يكون لها وجود و نشاط اجتماعي أو مهني،علما أن هذه المهنة بلغت من العمر عتيّا وتجاوزت حدّ الصٍغَرْبعد أن بلغت الخمسين من عمرها المديد،لكنها لاتزال رهن الوصاية والولاية من أناس ليسوا من أبناءها واختصاصها في العلوم والمعرفة! وهذا مايجعلها عاجزة وعقيمة عن أداء التزاماتها وفق معرفتها وقدرتها!..وإذا توخينا الحقيقة،فقد استمرت اتصالاتنا ومطالباتنا،ولا زلنا نتواصل بهذاالشأن،مع مؤسسات الدولة المعنية وأعضاء مجلس الحكم والشخصيات البارزة في الدولة،أن يلتفتوا إلى هذه المهنة ويراعوا دورها ومساهمتها في بناء الدولة الاقتصادي والصحي،مادامت هذه المعايير والقيم من واجباتها الأساسية،بدلا من تركها تعاني من إقصائها وإبعادها عن مهامها بلا مراعاة أوالتفات لدورها الريادي في رعاية الثروة الحيوانية وحمايتها والمجتمع من الأوبئة والأمراض الفتّاكة..
إذن ما هو العلاج الناجع الذي يقتضيه هذا الداء الوبيل،الذي ابتلت به مهنة الطب البيطري،وقد تكلمنا عنه ولازلنا مرات عديدة ونشرناه في الصحف المحلية(جريدة المدى وجريدة الصباح الجديد)،وسُلّمت كذلك إلى بعض من أعضاء مجلس الحكم مع الرسائل إلى(بريمر والإبراهيمي)بهذا الخصوص,وبيّنا أن أمنيتنا بمناسبة انتقال الحكم ولازالت،أن يكون لهذه المهنة نصيب وزاري أسوة ببقية الوزارات،وخاصة الجديدة منها!..لقد أوضحنا في رسائلنا المذكورة ولازلنا بصدد هذا التوضيح،أن المعاناة المريرة والاجحافات المؤلمة التي قاستها هذه المهنة سابقا ولازالت،هي هدر لحقوقنا الإنسانية والمهنية،نحن أبناء هذه المهنة،كان سببها ولم يزل فرض الوصاية والولاية والهيمنة على مقدرات هذه المهنة وتحجيمها،والنفوذ والتسلط عليها بلا مبرر من أناس وإدارات ليسوا من صلب هذه المهنة وبعيدين عن اختصاصها وعلومها،والاّ علاقة الطب البيطري بالزراعة،لتكون لوزارة الزراعة السيطرة واليدالطولى في التحكم بشؤون هذه المهنة ومنتسبيها؟!..فالطب البيطري مهنة طبية بحتة،والزراعة أمور زراعية صرفة،وكل له علومه ومساره الخاص به!..هنا علاج أمراض والوقاية منها وحماية الإنسان والحيوان من اوصابها ومخاطرها، وهناك زرع وحصاد وجني ثمار!..علما أن الدراسة الأولية(البكالوريوس)في كليات الطب البيطري خمس سنوات باللغة الانكليزية،وفي كليات الزراعة أربع سنوات!
وإذا قلنا أن هذه هذه المثالب والمعوقات والعقبات والتجاوزات التي أصابت وتصيب هذه المهنة،حصلت في عهود مضت،فلنا في حاضرنا الذي بدأناه ادلّة ودليل!..ونحن في بداية الطريق من عراقنا الجديد،جاءت دعوة من فرنسا تطلب من وزارة الزراعة إرسال طبيبين بيطريين للاشتراك في مؤتمرللامراض المشتركة بين الإنسان والحيوان((Zoonotic Diseases ،فقررت الوزارة إيفاد طبيب بيطري ومهندس زراعي إلى هذا المؤتمر،وعندما سُألت الوزارة عن سبب هذه(الازدواجية!)في التنسيب،والموضوع خاص بالطب البيطري،أجابت أن هذا المهندس الزراعي لم يسافر سابقا وهذه فرصة لسفره!..وفعلا عندما حضرالمؤتمر لم يفهم منه شيئا،وكان لايرغب في حضور جلساته ،وهنا نقول
وشهد شاهد من أهلها! )..هناك تجاوزات وإجراءات ظالمة لاتُعد ولاتُصى،هدفها تكبيل هذه المهنة وإقصاءها،وخاصة ما يتعلق بدورها العلمي والمهني في رعاية الثروة الحيوانية وبناءها,كالاستحواث على التلقيح الاصطناعي،واقتصار البعثات في هذا المجال على الزراعيين،وتأسيس شركة الكندي على أنقاض مختبر المصول واللقاحات والفحوصات المختبرية،وشطر الهيأة العامة للبيطرة والثروة الحيوانية إلى نصفين،وإلحاق المستشفيات والمستوصفات بالإدارات الزراعية،والمطالبة بإلحاق كليات الطب البيطري، كأقسام وفروع، بكليات الزراعة( وعلى حس الطبل خفّي يا رجليّه! ).
وخلاصة القول إن ما نطمح إليه ونطالب به، أن تتمكن مهنة الطب البيطري وأبناءها من تجاوز هذه هذه المثالب الضارة والتجاوزات المحبطة،وأملنا إن تأخذ حكومتنا الجديدة دور مهنة الطب البيطري في بناء الوطن بنظر الاعتبار،وتجعل منها أداة فعّالة مادامت الفرصة سانحة،وان تضع الأمور في نصابها،وتعطي كل ذي حق حقّه،ليتمكن الجميع من بناء عراقنا الجديد!
ا لدكتور غالب الأنصاري
8 / 6 / 2004
ملاحظة: نُشرت في جريدة المدى بتاريخ: 20 / 6 / 2004