تأسيس وزارة الصحة الحيوانية

تأسيس وزارة الصحة الحيوانية
(دراسة حول العراقيل والعقبات التي تعيق تطور مهنة الطب البيطري)

بداية مهنة الطب البيطري ومسيرتها: الدكتور غالب الأنصاري
بدأت مهنة الطب البيطري وأخذت مساراتها العلمية والمهنية تأخذ طريقها إلى حيّز الوجود منذ عام(1954- 1955)الدراسي،حيث تم الإعلان عن تأسيس كلية الطب البيطري دون وجود أساتذة أو بناية خاصة بها،وجرى إلحاق طلابها الأوائل،وعددهم عشرون طالبا، بطلاب الصف الأول من كلية طب بغداد،وتم تدريسهم سوية على يد أساتذة كلية الطب..هذه باختصار بداية مهنة الطب البيطري الذي يوشك عمرها الآن(أي سنة 2004) أن يربو على الخمسين سنة.

فماذا حققته؟! وماذا فقدته؟!

فإذا أتينا على ما قامت به وما حققته هذه المهنة من كوادر علمية متميّزة، وانجازات مهنية رائدة،فالكثير الكثير!..تخرجت الدورة الأولى سنة(59-60)الدراسية، والدورة الثانية سنة(60- 61)الدراسية،وكان مجموع الخرّيجين في هذه الدورتين أربعين طبيبا بيطريا،وجلّهم سافروا إلى الخارج(أمريكا،بريطانيا،فرنسا،ألمانيا،الاتحاد السوفيتي وغيرها من الدول الأوربية)للتخصص في مختلف العلوم الطبية الأساسية،وعلوم الطب البيطري التخصصية،وقد عادوا وهم يحملون شهادات الدكتوراه والهانبيل والماجستير والدبلوم العالي،ودورات تدريبية متخصصة، وهم ألان أساتذة في كليات الطب البيطري وقد حلّوا محل الأساتذة الأجانب،وقسم كبير منهم يدرس في كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان والعلوم، ومنهم من بقي يعمل في الدول التي تخرج فيها،كما أنجزت هذه المهنة العديد من الصروح والمؤسسات العلمية والمهنية الخاصة بها.
منجزات الطب البيطري:
أولا: المؤسسات العلمية والمهنية:
1- كليات الطب البيطري في: بغداد ، الموصل ، البصرة ، الديوانية ، أربيل ، سليمانية ، كربلاء ، دهوك ، ديالى.
2- أجراء الدراسات العليا في كليات الطب البيطري لمنح شهادات الدكتوراه والماجستير والدبلوم العالي،وكذلك دورات التدريب المختلفة
3- الهيأة العامة للبيطرة والثروة الحيوانية.
4- المختبرالمركزي البيطري للمصول واللقاحات والفحوصات المختبرية / ابوغريب.
5- قسم التلقيح الاصطناعي ونقل الأجنة / ابوغريب.
6- معهد تدريب الأطباء البيطريين العرب بالاشتراك مع منظمة الغذاء والزراعة الدولية( FAO ).
7- المستشفيات البيطرية في المحافظات.
8- المستوصفان البيطرية فى المدن والقرى والأرياف في مختلف أنحاء العراق.
9- مراكز التلقيح الاصطناعي وتحسين النسل في القرى والأرياف.
10- دوائر الصحة الحيوانية في مشاريع ومؤسسات تربية الحيوان والإنتاج الحيواني من أبقار وجاموس وأغنام وماعز ودواجن وخيول واسماك وطيور وجمال وحيوانات صغيرة وحدائق الحيوانات.
11- إقامة المؤتمرات والندوات العلمية والمهنية الخاصة بالبحوث والدراسات والتجارب العلمية والإرشاد الصحي وتربية الحيوان.
12- تأسيس نقابة الأطباء البيطريين وقيامها بالمؤتمرات السنوية بمشاركة النقابات العربية والعالمية.
13- إقامة المحاجر الحدودية لمراقبة الحيوانات الداخلة إلى العراق.
14- إدارة المجازر صحيا وفنيا عند جزر الحيوانات والتأكد من سلامتها وخلوها من الأمراض.
ثانيا: مؤسسات الدولة:
1- تأسيس معهد أبحاث الأجنة وعلاج العقم / جامعة النهرين / وزارة التعليم العالي والبحث العلمي،ويدار من قبل أطباء بيطريين متخصصين في علوم الفسلجة التناسلية
2- تأسيس وإدارة معهد المصول واللقاحات / وزارة الصحة،وهو الآن يجهز مختبرات التحليلات المرضية المنتشرة في المحافظات بمستحضرات وعدد الفحص والتشخيص.
3- التدريس من قبل الأطباء البيطريين المتخصصين في كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان والعلوم في العديد من جامعات العراق.
4- الإدارة العلمية والفنية لمعهد باستور في مكافحة داء الكلب والوقاية منه.
5- فتح مختبرات التحليلات المرضية من قبل الأطباء البيطريين ذوي الاختصاص في العديد من المحافظات وخاصة بغداد
6- تشخيص التسمم بالزئبق الذي حل بالعراق عند تناول الحنطة المعفرة بالزئبق من قبل بعض فصائل الشعب وخاصة أبناء الريف.
7- العمل على مكافحة الأمراض لمشتركة بين الإنسان والحيوان وعلاجها،كما حصل عند انتشار وباء الدودة الحلزونية(Screw Worm ) في البصرة وتسبب في وفاة بعض الأطفال.
8- اعتراف وزارة الصحة بالمختبر المركزي البيطري للمصول واللقاحات والفحوصات المختبرية في ابوغريب،بعد زيارته من قبل وفد طبي رسمي من الوزارة،متخصص في شؤون المختبرات والأعمال المختبرية..
9- اشتراك الأطباء البيطريين والأطباء في الدراسات والبحوث والمؤتمرات والندوات العلمية،وخاصة ما يتعلق بالأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان وعلاج العقم.
معوقات مهنة الطب البيطري:
لاقت مهنة الطب البيطري الكثير من الصدود والتعسف والعراقيل والحرمان من حقوقها وقدراتها وخصوصيتها في الأداء والعطاء، والتجاوز على اختصاصاتها العلمية والمهنية من فئات اقتضت الإجراءات الشكلية الرسمية العمل معها، وذلك بغية إضعافها وإعاقتها،
بل تهميشها وعدم إفساح المجال إمام تطورها وممارسة مهامها المهنية بشكل طبيعي كما يقتضيه اختصاصها العلمي،والسماح لها ان تتبوأ المواقع العلمية والمهنية التي تستحقها بجدارتها!..فكان نصيبها أن تُحارب بلا هوادة،وقد اُزيحتْ من بعض المؤسسات والدوائر التي أنشأتها حسب المعايير العلمية الخاصة بها،بعد أن استقرّت هذه المؤسسات والدوائر وأصبحت صروحا ومراكز علمية ومهنية مرموقة يزهو بها رجالها! فكان احتلال هذه المؤسسات من غير أبناءها هو بمثابة خرق علمي فاضح لاجدال فيه! والأمثال كثيرة على ذلك،ودعنا نذكر بعضا منها:
1- قسم التلقيح الاصطناعي ونقل الأجنة- - أسسه وبناه وطوره وعممه في ربوع الوطن هم الأطباء البيطريون،والمفهوم العلمي الطبي الذي يعتمده في أداءه المهني،هو مبدأ عدم التلوث((aseptic condhtion سواء بالنسبة للقسطرة ورحم البقرة والسائل المنوي المستعمل في التلقيح،وهذا المبدأ الطبي من اختصاص الطب البيطري..وألان يقود هذا القسم احد الزراعيين بالرغم من أن العاملين فيه ،بأغلبيتهم الساحقة، هم من الأطباء البيطريين ذكورا وأُناثا!
2- الهيأة العامة للبيطرة والثروة الحيوانية- - تم شطرها إلى نصفين،الشركة العامة للبيطرة ذات تمويل ذاتي تعتمد على وارداتها المالية في شؤونها الإدارية، من تعيين ورواتب وأدوية ولقاحات وغيرها من المصاريف،وهي مؤسسة خدمية لاحول لها ولا قوة!..والنصف الآخر،الشركة العامة لخدمات الثروة الحيوانية،وأغلبية موظفيها من الأطباء البيطريين،وقد يرأسها طبيب بيطري أو زراعي،وكانت قبل الحرب تتعامل مع موردي الأفراخ والبيض، وهذا يعني أن لها واردات خارجية تمكنها من بحبوحة العيش وتمشية أمورها المالية.
3- المختبر المركزي البيطري للمصول واللقاحات والفحوصات المختبرية/ابوغريب- - تم تحويله إلى شركة لجني الأرباح وملأ الجيوب لمن هب ودب، بعد أن كان صرحا علميا لممارسة الأطباء البيطريين وتدريبهم على الفحوصات المختبرية وإنتاج اللقاحات والمصول وفحصها، وتهيأتهم للدراسات العليا والتخصص بهذه العلوم.
4- معهد تدريب الأطباء البيطريين العرب بإشراف منظمة الغذاء والزراعة الدولية( FAO ) قد اختفى من الوجود!
5- معهد المصول واللقاحات ومواد الفحوصات المختبرية / وزارة الصحة، أسسه وأداره الطب البيطري،وانتُزعتْ إدارته من الأطباء البيطريين وسُلّمت إلى غيرهم بسبب موقع القوة والنفوذ!
6- إلغاء نظام التعيين المركزي،وترك الأطباء البيطريين بلا تعيين بعد تخرجهم،وإجبارهم على العمل في مِهَن ليست من اختصاصهم،او تعيينهم بعقود واحور يومية بلا علاوة وترفبع وتقاعد!
7- إلغاء معاهد الصحة الحيوانية، وحجبها عن توفير الكادر الوسطي لرعاية الثروة الحيوانية والاعتناء بصحتها وحمايتها.
وهناك مآخذ كثيرة لاداعي لذكرها بالتفصيل،ومنها محاولات انتزاع المستشفيات والمستوصفات من الشركة العامة للبيطرة وربطها بالدوائر الزراعية في المحافظات، كما جرى سابقا!..و(مكارم!)أخرى بإلغاء كليات الطب البيطري وإلحاقها(اقسما وفروع!)بكليات الزراعة!..و(يسعدنا!..نعم يسعدنا!) أن تُلحق كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان بكليات الزراعة،ونصبح(كلنا في الهوى سوى!).. ونسمع هناك (محاولات ورغبات!) لتغيير لقب الطبيب البيطري إلى(بيطار!),وهكذا وهَلمّ جَرّا!
ما هو الحل ؟! :
الحقيقة أن مهنة الطب البيطري في، مدٍ وجزر،لكن تعرضها للجزر يفوق بكثير ما تناله من فضائل عندما يصيبها المد،ويكاد يكتسح هذه(الفضائل!)ويجعل منها(هباءا منثورا!)في كثير من الأحيان،كما هو وارد في(الاجراءآت!) المذكورة! الامرالذي أنهكها وفرض عليها إطارا من التحجيم والتهميش والإقصاء،وحرمها من إمكانياتها العلمية والمهنية،وافشلَ قدراتها وتطلعاتها في بناء الثروة الحيوانية وحمايتها من الأمراض والأوبئة، وصيانة المجتمع من ذلك،وجعلها عير قادرة على أداء ما بحوزتها من مآثروابداعات ثَرّة وكثيرة،أسوة بأسرتها الدولية التي بلغت حدَّ (الاستنساخ!)..كما نعلم ويعلم الجميع،أن هذاالتراجع والتدهور والإبعاد الذي أصاب هذه المهنة خلال مسيرتها الطويلة،رغما عنها،كان سببه الرئيسي هو عدم استقلالها في اتخاذ قراراتها بإرادتها،وهيمنة البعض من(غيرابناءها!) على اتخاذ هذه القرارات، بغض النظرعن جدواها وعدمه،بل حتى تكون ضد مصلحة هذه المهنة على وجه العموم التي هي مصلحة الوطن!
أن الوصاية والولاية التي فُرضتْ على هذه مهنة الطب البيطري طوال مسيرتها،هي بيت الداء!..والاّ ما علاقة الطب البيطري في التخصص والناهج العلمية والمهنية بالزراعة،حتى تكون الزراعة هي الوصية والقيّمة عليها وعلى مقدراتها ومساراتها؟! فالدراسة الأولية في كليات الطب البيطري خمس سنوات وباللغة الانكليزية،بينما في كليات الزراعة أربع سنوات لاغير! فهناك رعاية الثروة الحيوانية وحمايتها من الأمراض والأوبئة،ومكافحة الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان والحفاظ على المجتمع وحمايته من هذه الآفات المرضية،وهنا في الزراعة زرع الفسائل والبذور وجني الثمار!
وخلاصة القول، ما دمنا عازمين على بناء عراقنا الجديد، وإطلاق طاقاته بكل كفاءة واقتدار، فالحل الصائب أن يمسك أبناء هذه المهنة شؤون مهنتهم بأيديهم،على أن يمتلكوا كامل القدرة والإرادة في رسم مساراتها ووضع برامجها ومناهجها وفق مصلحة الوطن وإرادة بناءه..وهنا نطالب الجميع بأن تكون لمهنة الطب البيطري وزارة خاصة بها باسم(وزارة الصحة الحيوانية)،اسوة بالوزارات الجديدة التي تحققت دون وجود كيان سابق،بينما مهنة الطب البيطري بلغت من العمر عتيا وتجاوزت الخمسين سنة،ولها صروحها ومؤسساتها العلمية والمهنية،وهي بحاجة إلى وجود وقرار وإدارة!..إننا نناشد الجميع ونرجو منهم أن يولوا هذا النداء الواعد،الذي تقتضيه الضرورة وبناء العراق الجديد،واعتماد الإرادة الحرة في البناء والعطاء!..وعليه نطالب رئاسة مجلس الحكم والمكونات السياسية المتمثلة فيه،وبقية العاملين من اجل رفعة وطننا العزيز ورفعته وازدهاره ورخاءه،أن يقفوا بجانب هذه الإرادة،ويجلوا منها حقيقة ماثلة خدمة لعراقنا الجديد!
ا انتهــــــى
الدكتور غالب الأنصاري
تجمع الأطباء البيطريين الديمقراطيين

ملاحظة: نُشرتْ الدراسة في جريدة( الصباح الجديد ) بتاريخ: 26/5/2004.

اشكرك يا عزيزي دكتور جمال صادق الشكر على ما تفضلت به من تعقيب على هذا الموضوع،وكانت هذه التطلعات والتوجهات قد تم الاخذ بها والسير على هداها عسى ان تتحقق هذه الارادة وتبدأ البداية،ولكن الافندية لم يكونوا في هذا الادجاه،الامر الذي اضطرنا جميعا ان ننادي بهذا الحق الذي يُظلم ولا يُهضم! وشكرا جزيلا....اخوك د.غالب الانصاري

اساذنا الكبير
الله يبارك في جهودك الكبيرة في خدمة الطب البيطري في العراق
الف تحية حب واحترام لجانبكم الكريم

اخوك دكتور ابراهيم

اشكرك بالغ الشكريااخي دكتور ابراهيم على مشاعرك الطيبة مع امنياتي لك بالموفقية والابداع متمنيا لك كل خير ونجاح ومتم باتم السعادة....د.غالب الانصاري

مودتي لك واعتزازي بك ياعزيزي دكتورحسين مع بالغ الشكر والتقدير ،ولك مني التمنيات الطيبة والاماني الحلوة ودمت سالما معززا لنا جميعا....د.غالب الانصاري