ظاهرة سلبية - رعي وذبح الحيوانات في المدن

تعددت الظواهر السلبية في الشارع والمدينة والحي واتسعت رقعة التجاوزات وعصيان القانون الذي وجد اصلاً لخدمة الفرد والمجتمع.
واصبح التعايش مع هذه الظواهر السلبية بحكم الامر الواقع الذي لم يواجه اية اجراءات .. للحد منه .
الذبح العشوائي ورعي الماشية في المدينة والاحياء السكنية وتداعياتها كانت محور هذا الموضوع الذي تحدث عنه عدد من المسؤولين في وزارتي الزراعة والبيئة .. اضافة الى مواطنين ممن يمتهنون هذه المهنة ويعيشون عليها..

احكام القانون بحق هذه الظواهر
نصت المادة 73 ـ اولاً ـ من قانون الصحة العامة رقم 89 لسنة 1981 على مايلي:ـ يمنع ايواء وتربية الحيوانات ، بما فيها الدواجن، في الاحياء السكنية باعداد تتجاوز حدود الاستعمال العائلي او الشخصي .
وهذا ما شمل به القانون ظاهرة تربية الحيوانات داخل الاحياء السكنية.
وقد حدد ايضا هذا القانون صلاحية الرعي لمثل هذه الحيوانات في مناطق خاصة تقوم بتحديدها وزارة الصحة نظراً لما تمثله هذه الظاهرة من امور سيئة عديدة على صحة المواطن من جهة وعلى تشوه جمالية المناطق من جهة اخرى.
فضلاً عن الروائح الكريحة التي تنتج من فضلات هذه الحيوانات والتلف الذي يصيب المتنزهات من جراء هذا الرعي الخاطئ في المناطق او الاحياء السكنية. ولكن للأسف لم يطبق هذا القانون بالشكل الصحيح وقد نلاحظ ان هناك محاولات لتطبيق هذا القانون وبشكل مغاير لمضمونه.
وزارة الزراعة وتفاقم هذه الظاهرة
ان الآثار السلبية التي تتركها مثل هذه الظواهر على المستوى الزراعي البيئي كبيرة هذا ما اخبرنا به الدكتور باسم نجم الفياض مدير الصحة الحيوانية في وزارة الزراعة ـ الشركة العامة للبيطـرة ـ لـ” اسرة ومجتمع “ حيث قال:
ان هذه الظاهرة تشكل اعتداء على الجانب الزراعي البيئي في هذه المناطق، من خلال ما تفرزه من فضلات في المنطقة التي ستكون عرضة للاصابة بالعديد من الامراض وعن طريق الماء ـ الهواء والتربة. كذلك الاعتداء على جمالية المدينة وتدمير للحدائق وهذا يشكل مصدر ازعاج كبير للمواطن. اما الاضرار الصحية فهناك العديد من الامراض المشتركة التي تنتقل من الحيوان الى الانسان من خلال التماس المباشر واستخدام منتجاتها” اذا كانت مصابة بالامراض “ والعيش بالقرب منها بشكل مستمر وعن طريق العامل الناقـل” الحشرات، الذباب ، البعوض“ وغيرها التي تنقل من الامراض الخطرة والمشكلة هنا ان الحيوانات المصابة لاتظهر عليها اية اعراض سريرية وهذا يشكل خطراً حقيقياً حيث يقوم البعوض بامتصاص الدم من الحيوان المصاب ونقله الى الانسان السليم عن طريق لسعة او عضة وهناك الكثير من الامراض اصابت الانسان بالفعل مثل” الجمرة الخبيثة ـ حمة مالطا ـ السل الرئوي “وغيرها الكثير من الامراض الفتاكة بصحة المواطن وهذا طبعاً بسبب الرعي في المناطق ذات الطبيعة السكانية وهناك العديد من المواطنين وللاسف يجهلون مخاطر هذه الظاهرة ويعتبرونها طبيعية لانهم اعتادوا على رؤيتها باستمرار وهذا الشيء يدل على قلة الوعي الذي نشكوا منه وبصراحة في الوقت الذي يجب ان يعي المواطن حقيقة هذا الموضوع وما يشكله من خطورة على حياته وحياة اسرته بكاملها.
ويضيف الدكتور باسم الفياض بان المشكلة بدأت تاخذ عدة اتجاهات.
واهمها هو الذبح العشوائي لهذه الحيوانات داخل الاحياء السكنية وماشجعه على ذلك هو المواطن .
حتى وصل الامر بهم الى ذبح الحيوانات على الارصفة في الشوارع وداخل حدائق المنزل وحتى قرب اماكن النفايات دون مبالاة بما تحمله هذه الحيوانات من امراض اذا كانت سليمة وما ينتج من تلوث قد يصيب اللحم ونريد الاشارة هنا الى المواطن لانه المسؤول الرئيس من خلال اقباله على شراء لحوم معروضة على الارصفة والساحات وتحت اشعة الشمس التي تتجاوز درجة الحرارة” 50 درجة “ وهذا يشكل تهديداً على صحته علماً ان الرقابة هنا محدودة الحركة.
ويقول الدكتور الفياض ان ظاهرة الذبح خارج المجازر هي ليست وليدة اليوم بل هي موجودة منذ عشرات السنين لكننا ندعو المواطن العراقي الى عدم شراء مثل هذه اللحوم لانها ذات تأثير كبير ومباشر على اصابته بالعديد من الامراض التي ذكرناها ، وهنا تجدر الاشارة الى تشكيل لجنة مشتركة من وزارات الزراعة والداخلية والبيئة والبلديات برئاسة الدكتور صبحي الجميلي الوكيل الفني لوزارة الزراعة هدفها متابعة الظواهر ووضع الحلول والمعالجات الكفيلة بالقضاء على هذه الممارسات الخاطئة وتحديد حجمها وستنتهي قريباً من رفع قرارها النهائي الى الجهات العليا بهذا الخصوص .
اصحاب المواشي ـ وما يقولون
المواطن محمد صليخ ـ منطقة الاورفلي ـ يقول انني امارس الرعي ومنذ وقت لا اعرف بدايته ، اخرج صباحاً انا واغنامي طالباً للرزق ولا اعود الا بعد وقت العصر. ادور حول اسوق المدينة الشعبية لغرض اشباع الاغنام واتعامل مع الناس على البيع والشراء. ولا ابيع ولااشتري اي حيوان اشك بانه مصاب بمرض وعلى كل حال فان الامراض التي تصيب الحيوانات قليلةو في العراق لاننا بين فترة واخرى نقوم باعطائها ومعالجتها خوفاً من الاصابة والفقدان .
ولم تحصل لي اية مشاكل مع جيراني او ابناء المنطقة بخصوص هذه الاغنام اما عن روائحها فانا الذي اتحمل وليس هم .. وهذا هو رزقي الوحيد ولن يمنعني منه احد !!
تقول السيدة” ام فيصـــــل “ ذات الخمسين عاماً. انني ارعى في منطقة” سوق الحي “ وأرعى من المواشي الماعز والاغنام ولا ارى اي ضرر في رفع فضلاتها من قبل امانة بغداد لانني ادفع وبشكل شبه يومي نقوداً الى صاحب السوق”المتعهد “ والاغنام ليست مفخخة حتى تمنعونا من رعيها فهي مصدر رزقي الوحيد واريد القول بانها غير ضارة للمنطقة ونحن نعود الى منازلنا متى ما حل المساء وهناك الكثير من مفارز الشرطة والصحة لاتمنعنا من كسب رزقنا .
المواطن ابو رافد من” سوق الحي“ ايضا يعمل قصاباً داخل احدى الجزرات الوسطية يضيف ان الحيوانات التي نقوم بذبحها خالية من اي مرض. ونحن نعرف وبحسب خبرتنا اذا كان هناك حيوان مريض ام لا . والمواطنون يقبلون على شراء اللحم منا دون اي خوف من التعرض للاصابة بالامراض والتسمم. اضافة الى ذلك فان طريقة الذبح المعمول بها شرعية وحسب الطريقة الاسلامية. والمواطنون يشهدون بذلك لانها تجري امامهم فضلا عن ان اللحوم التي نبيعها طازجة واقل من اسعار اصحاب المحال التي بداخل السوق اما عن الذبح داخل المجازر الصحية فأريد القول بانها مكلفة من الناحية المادية حيث يجب اخذ الحيوان الى المجزرة وفحصه ومن ثم ذبحه والعودة به الى السوق وهذا ما يحملنا اموالاً اضافية لافائدة من دفعها اضافة الى ذلك فان معظم اصحاب المحال التي كانت تذبح داخل المجازر قد امتنعوا عن ذلك الان والكل يعلم بهذا الامر ونحن مستعدون لقبول زيارة اصحاب المجازر ليشاهدوا طريقة الذبح، اذا كان فيها اي غش ونحن لانرضى باي غش لاننا في النهاية اصحاب عوائل ولانقبل بمضرة الاخرين .ويقول المواطن الحاج زبون خلف” ابو مهدي “ من مدينة الصدر ان مسألة رعي المواشي والاغنام هي مسألة غير محبذة لانها تجلب الرائحة الكريهة للبيت الذي فيه ويمكن ان تنقل بعض الامراض التي تحملها هذه المواشي فضلا عن انها غير مقبولة اجتماعيا لكن في الوقت نفسه تكون مصدرا ً للعيش والرزق لهذه العوائل التي ترعى الاغنام وماذا يمكننا القول اذا كانت مصدر رزقهم الوحيد.. هذا من جانب ومن جانب اخر هناك بعض العوائل التي تملك واحدا ً او اثنين من الاغنام داخل مسكنها على سبيل” النذر “ و”الضحية “ او غيرها مثل ذبحها يوم عاشوراء محرم او لاغراض الولائم والمناسبات مثل المأتم والاعراس وهنا يكون بقاؤها لمدة قليلة ليوم او اثنين داخل المنزل عموماً فان مسألة الرعي ظاهرة غير محبوبة وغير مرغوب بها داخل الاحياء السكنية فضلا عما تصدره من اصوات تزعج كل مايجاورها حولها من مساكن ونحن نعرف جيداً بان عوائلنا لاترغب بالتعرض مطلقاً لاثار وجودها .
وزارة البيئة ومتابعة الظاهرة
وزارة البيئة اوضحت ان رعي الماشية ظاهرة غير حضاريةلاسيما ان العراق يشهد انفتاحاً على العالم الخارجي. وقال الدكتور صباح ـ مدير قسم البيئة الحضرية في وزارة البيئة ان هذه الظاهرة يجب ان تبعد عن المناطق السكنية لما تسببه من روائح كريهة وامراض انتقالية وتشوهات في
جمالية المناطق تضر جميعها بالمواطن العراقي. واكد ان تكون مناطق الرعي للمواشي والاغنام بعيدة عن الاحياء ذات الانتشار السكاني ويجب على وزارة البلديات وامانة بغداد تحديد مناطق للرعي. وهذا ما نحن نناقشه في هذا الوقت مع امانة بغداد ووزارة البلديات لان تأثيرات هذا الموضوع كبيرة جداً على صحة المواطن والبيئة ولكن تشكو في الوقت نفسه من عدم تعاون دائرة البلدية ووزارة الزراعة والجهات ذات العلاقة في هذا الموضوع لان التعاون في هذا الموضوع يجب ان يكون على ارض الواقع وهناك حالات حرق لفضلات الحيوانات تمارس في الاحياء السكنية حيث يتم انتشار الرماد بصورة سريعة في الجو وبالتالي حمله للكثير من انواع البكتريا السامة في الوقت الذي يجب ان ينقل الى مواقع الطمر الصحي المخصصة لهذا الغرض وهناك 11 موقعا ً في مدينة بغداد كمحطات وسطية لتجمع النفايات وهي مراقبة دائمة من قبل وزارة
البيئة. ويضيف الدكتور صباح بضرورة التوعية لمثل هذه الظواهر التي بدأت تزداد يوماً بعد يوم ونريد القول لاصحاب هذه المواشي بان هناك اماكن ستخصص لرعي المواشي وهي مناطق بعيدة عن الاحياء السكنية وهي خطة عمل تقوم بها الوزارة قريباً الهدف منها السيطرة على هذه الظاهرة واحتوائها تدريجياً لكي تظهر مدينة بغداد بالشكل اللائق وللمحافظة على نظافة بيئة سليمة صحية خالية من اي تلوث خدمة للمواطن العراقي الذي يشكو من اهمالات عديدة اهمها هذا الجانب .